Wednesday, 28 April 2010

رواية السراب لنجيب محفوظ


ملخّص الرواية :

يسرد البطل كامل رؤية ذكرياته منذ الطفولة حتى اللحظة التي بسردها فيها أي أن الرواية تقدم شخصية البطل الراوي مما يعني أن الذكريات والأحداث المسرودة تأتينا من منظور البطل نفسه يرجع كامل رؤية بذاكرته إلى طفولته الأولى حيث وجد نفسه في بيت جده لأمه هو وأمه المطلقة وقد كان يلتقي الكثير من العناية والرعاية من أمه التي كانت تفرط في تدليل حتى نشا خجولا ومعزولا عن الآخرين بشكل لافت للنظر وقد حدث أن رأى صورة في يد أمه وكانت صورة زفافها مع أبيه فهجم عليها ومزقها فتروي له أمه قصة زواجها المعذب فنعرف أن أباه سكير عربيد وان له أخا وأختا يعيشان في قصر جده لأبيه مع أبيهما وقد حاول الأب أبو رؤية قتل أبيه من اجل المال وأخفقت المحاولة فطرد من القصر إلى أن عاد إليه بعد وفاة أبيه الطبيعية أما بالنسبة إلى كامل فقد دخل المدرسة غير انه اخفق فيها لخجله وانطوائيته فتابع دراسته بشكل خاص حتى نال الثانوية وحين دخل الجامعة اخفق بها أيضا فعمل موظفا في احد الدوائر الرسمية وكان في أثناء ذلك يراقب فتاة جميلة تعمل معلمة فتزوجها فعرض ومنذ الليلة الأولى كان يعجز معها ولم يكن كذلك يعود إلى البيت سكرانا فعرض نفسه على طبيب سيكولوجي أعدله أن طبيعي وان سبب عجزه هو نفسي لا عضوي بحيث أن يشك كامل رؤية في سلوك زوجته فيراقبها وفي هذه الأثناء يتعرف على إحدى المومات ويدخل معها على علاقة جنسية لفترة طويلة ويحدث أن تذهب زوجته إلى بيت أهلها وتموت هناك فيعلم أن سبب الوفاة يعود إلى خطا في عملية الإجهاض التي تعرضت لها ويخمن كامل أن الحمل يعود إلى صلة زوجته بالطبيب النفسي فيرجع إلى أمه غاضبا مؤنبا ومهددا انه لن يعيش معها تحت سقف واحد وكان ينام هو وأمه في سرير واحد حتى الخامسة والعشرين من عمره وفي اليوم التالي تموت أمه وكان أبوه قد مات من قبل مع الإشارة إلى انه كان قد رغبت في قتل أبيه حين لم يساعده في زواجه وهكذا يستمر كامل في علاقته بالمومس التي لا تملك أي خط من الجمال


علاقة كامل مع أمه


يقرر الدكتور عز الدين إسماعيل أن عقدة أوديب لاتكتفي وحدها لتفسير شخصية كامل رؤبة , فهو لم يقتل أباه وإن فكّر في ذلك وإنما أسهم في قتل أمه حين هددها بأنه لن يعيش معها تحت سقف واحد وقد كان ينام معها في سرير واحد حتى الخامسة والعشرين من عمره وفي اليوم التالي ماتت أمه ولذلك فإن الناقد عز الدين إسماعيل يبحث عن عقدة أخرى تساعد في فهم شخصية كمل , فيجدها في عقدة أورست , إنّ مشكلة أورست الجوهرية ( ليست مشكلة قتل الأم وإنما مشكلة قتل التحرر من سلطان الأم ))ويرى الناقد أن أورست هو النموذج الأول الذي كان كامل رؤبة صورة منه , ومما يؤكّد ذلك أن كاملاً حين كان واقعاً تحت سيطرة أمه أحب فتاة هي نسخة من أمه , فيكون بهذا (( قد نقل خضوعه وتبعيته بطريقة آلية إلى امرأة أخرى , ومع أنه بذلك يظل خاضعاً لها وهذا ما حدث بعد زواجه من رباب إلا أنه خضوع غير مباشر , إنه الآن يخضع لها في شخص الزوجة )) من هنا لا يجد الناقد غرابة في أن يعجز كامل عن الاتصال بزوجته , إذ إنه لم يتزوج في واقع الحال , سوى صورة أو نسخة من أمه , وتتوضح علاقته العفيفة بزوجته من خلال مقارنتها بعلاقته مع المرأة المومس التي لم يشعر معها بالعجز إذ إنه لم يكن بينها وبين أمه أدنى شبه , بل ربما كانتا على طرفي نقيض , فقد أعجب بها إذاً لأنها لا تذكره بأمه , ولأنها تحرره من إسارها وهيمنتها , ولهذا ما كان يحسُّ بشعور الذنب في العلاقة مع تلك المرأة على الرغم من أنها علاقة غير شرعية بل كان يحسّ بالارتياح وبأنه يمارس الحياة بعيداً عن سطوة الام وتسلّطها , بينما كان يشعر بالذنب مع زوجته لأنه كان يرى فيها صورة أمه , فالعجز الجنسي مع الزوجة يمكن رده كما يقول الناقد إلى عقدة الفسق بالمحارم.


علاقة رؤبة مع ذاته


يرى الناقد أن كامل رؤبة لم يتمكن من إيجاد أي نوع من التوافق الاجتماعي والنفسي مع العالم المحيط به خارج إطار أمه , ولذلك بقي خجولا غاية الخجل , قلقاً غاية القلق , متردداً لا يستطيع المبادرة أو اتخاذ قرار معها مهما كان صغيراً بسيطاً (( فقد كان يؤثر أن يظل سجين نفسه على أن يخرج إلى الحياة , وحين ضاقت به نفسه وانطلق إلى بؤرة الفساد لم يكد يقدم على التجربة حتى دبّ الخوف في نفسه فولّى مسرعاً , وهو يتخيل كثيرا ويحلم كثيرا ويصنع في خياله وأحلامه الأعاجيب ولكنه عندما يواجه الواقع ينقلب عاجزا ذليلاً خائفاً )) ويرد الناقد عز الدين إسماعيل هذه الصورة السلبية لشخصية كامل إلى عقدة أورست , فأورست لم يكن فاقداً للقدرة أو عاجزاً بشكل كلي , ولكن المشكلة تكمن ي أن قدرته موجّهة إلى إرضاء أمه التي لم يكن يرضى إلا أن محور حياته وتفكيره واهتمامه


عقدة أوديب وعقدة أورست


يصنف الناقد عز الدين إسماعيل إلى عقدة أورست عقدة أخرى هي عقدة أوديب , فيرى أن ثمة مزيجاً في هذه الشخصية وهما مثالان على عقدة أوديب , هذه الإضافة تعني أن كاملا قد جمع في شخصية بين الحسية والتردد من جهة وبين كره الأب من جهة أخرى أي أن ثمة عقدتين هما عقدة أورست وعقدة أوديب وتتبدى عقدة أوديب منذ أن مزق كامل وهو طفل صورة أبيه وكذلك تتبدى في تفكيره في مثل أبيه حين منع عنه المساعدة أننا إذا أمام أننا إذا أمام قاتل أبيه وقاتل أمه معا وهذا ما يدفع الناقد إلى استخدام مصطلح الشخصية الاوديبية الاورستيه في وصف شخصية كامل رؤبة - أن الناقد عز الدين إسماعيل يعي جيدا أن ثمة اشكالية حقيقة في الجمع بين عقدة أوديب وعقدة أورست في شخصية واحدة على الصعيد النفسي يقول لقد عرفنا أوديب قاتل أبيه وعرفنا أورست قاتل أمه لكننا نواجه في كامل شخصا هو في الوقت نفسه أوديب وادرست معا وهذا مثار العجب ازاء هنا الشخص ولعل القارئ قد ادرك أن الشخص أما أن يكون هذا أو ذاك أما أن يكون الاثنين معا فشي يدل على تناقض في البيئة النفسية لا تقبله طبيعة هذه البيئة وبما أن الأمر على هذا الحال فقد ذهب الناقد إلى فهمه من خلال الوضع الاجتماعي الحضاري لهذا المجتمع اوذاك فيحاول أن يفسر بشكل فكري شخصية أورست في إطار الأسطورة والمجتمع اليونانيين ثم يصل إلى أن كل ماهو جديد فثمة إذا مضمون اجتماعي تقدمي تقوم عليه الرواية هذه هي النقاط الرئيسة في تحليل إسماعيل لرواية السراب نلحظ فيها ارتباكا واضحا في الجمع بين عقدتين متناقضين لا تجتمعان فلم يستطيع الناقد أن يرى في شخصية كامل عقدة واحدة بعينها فراح يتاول للجمع بين عقدتين لا تجتمعان نفسيا وهو في هذا التاويل ابتعد عما هو نفسي ليفسر بشكل اجتماعي فكري فوصل إلى نتيجة فكرية غير متوقعة في مثل هذه الدراسة النفسية بمعنى أن الناقد حيث استعص عليه التسويغ النفسي لجا إلى التسويغ الفكري الاجتماعي والسبب في كل هذا الارتباط هو أن الناقد انطلق في التسليم بان شخصية كامل رؤبة هي شخصية إنسانية حية وان التناقض الحاصل فيها على صعيد هاتين العقدتين لم تقض به ضرورة فنية أو نفسية وانه ليس إلا تعقيدا في تركيب هذه الشخصية لا مبرر له

No comments:

Post a Comment